
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل ما يستعان به على الطاعة فهو طاعة، وإن كان من جنس المباح. فما هي الطاعة وما حكمها وأهميتها وأنواعها؟ لنعرفكم كل مايتعلق بهذا الموضوع في المقال التالي
أولا/ تعريف الطاعة
الطاعة في اللغة: هي الانقياد والموافقة
واصطلاحا: امتثال اﻷمر أي تمثيله في العسر واليسر واالمنشط والمكره.. ومن معانيها:
- الاستجابة لهوى النفس قال تعالى {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:30]
- اﻹذعان {أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون} [آل عمران:83] + (١٥) الرعد + (١١) فصلت 2-
- ) الموافقة {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون}[المؤمنون:53]
ثانيا/ أهمية الطاعة ومنزلتها
- لب دعوة الأنبياء والرسول، قال تعالى حاكيا عن دعوة اﻷنبياء والرسول {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون} [الشعراء:108]
- يعبر بها عن اﻹيمان، قال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير} [البقرة:285] +في (٧) آيات
- يعبر بها عن التقوى في (١١) آية
ثالثا/ حكم الطاعة
حكمها واجب بالمعروف وهذه هي الأدلة:
قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء:59]
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (- يا أَيُّها الناسُ ! اتقوا اللهَ ، وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فاسمَعوا له وأَطِيعوا ما أقام لكم كتابَ اللهِ) أخرجه الترمذي
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (مَن أطاعني فقد أطاع اللهَ ومَن عصاني فقد عصى اللهَ ومَن أطاع الأميرَ فقد أطاعني ومَن عصى الأميرَ فقد عصاني ) متفق عليه
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه ، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ ، إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّةً) أخرجه البخاري
رابعا/ الطاعة معيار اﻹيمان قوة وضعفا
قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيل} [التوبة:38] وقال تعالى (٤٧) النور قال تعالى (٥٨) النور قال تعالى (٥١) النور وعدم الطاعة صفة من صفات اليهود
خامسا/ أنواعها
قال تعالى {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلا} [النساء:46]
سادسا/ مظاهرها
- تنفيذ اﻷمر بالعسر واليسر والمنشط والمكره قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين} [آل عمران:133]
- اﻹتقان في اﻷداء
- اﻹستئذان قال تعالى {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِين} [التوبة:62]
- الرغبة الحقيقية في العمل قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين} [البقرة:34]
- الشعور بالمسؤولية قال تعالى {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد}[المائدة:117]
سابعا/ أنواعها
- طاعة لله
- طاعة الرسل قال تعالى {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِين} [آل عمران:32] +ذكرت في (٣٩) موضعا
- طاعة ولي اﻷمر قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء:59]
- طاعة الوالدين قال تعالى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيم}[الصافات:101] {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين}[الصافات:102]ذكر في (٣)مواضع
ثامنا/ ثوابها
- الفوز بالجنة والنجاة من النار قال تعالى {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} [النساء:13] +(١٨) الرعد+(١٧) الفتح
- كمال أجر المؤمن قال تعالى {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [الحجرات:14]
تاسعا/ حدود الطاعة
بالمعروف وحسب الضوابط المتعارف عليها قال تعالى{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور}[الممتحنة:13] ومتى تكون الطاعة في جميع اﻷحوال في المنشط والمكره والعسر واليسراﻷمتثال ﻷوامر الله ورسوله قال تعالى(٤١)التوبة
عاشرا/ من ثمار الطاعة
- هي عامل من عوامل النصر قال تعالي{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِين}[النور:54]
- الإنقياد لحكم الله ورسوله
- لزوم الجماعة وتماسكها
- استقرار النظام
- تزكي النفس
- تحقق الجهاد ونشر الدعوة إلى تماسك الأسرة والمجتمع
- توظيف الطاقة توظيفا صحيحا
الحادي عشر/ موانع الطاعة
- شح مطاع
- هوى متبع
- وإعجاب كل ذي رأي برأيه
- ودنيا مؤثرة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبَعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، فدع عنك أمرَ العامة، وعليكَ بخاصة نفسك ) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري اسنده حسن
- الكبر، والمثال على ذلك قصة جبلة ابن الأيهم
- الكسل قال الرسول صلى الله عليه وسلم (االلهم إني أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، وأعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، وأعوذُ بكَ منَ الجُبنِ والبخلِ ؛ وأعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ)
- النفاق، قال تعالى {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون} [التوبة:127]
- الحسد، قال تعالى (وتكون الكبرياء في اﻷرض
ثاني عشر/ الطاعة والشورى (إبداء الرأي)
- القيادة جماعية والقرارات جماعية ولكل وحدة لها قراراتها وملزمة لما دونها
- لا يوجد تناقض بين إبداء الرأي والطاعة، اﻷمثلة الحباب بن المنذر في بدر موقف الصحابة في أسرى بدر موقف الصحابة قبل غزوة أحد
- الطاعة والنصيحة لا يوجد تعارض بين النصيحة والطاعة، اﻷمثلة: ابن عباس ينصح علي في قضية الولاة الذين ولاهم عثمان عمر رضي الله عنه يقول رحم الله امرئا أهدى إلى عيوبي
ثالث عشر/ عدم طاعة الشيطان والكافرين
قال {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون} [الأنعام:121]
قال تعالي (١٠٠) سورة آل عمران +ذكر في القرآن في (١٥) موضعا