أنظمة الإسلام

قبل أن نبدأ بشرح أنظمة الإسلام، نرجع إلى المعاجم اللغوية فنجد أن كلمة النظم تدور حول معاني عدة منها: التأليف والترتيب والربط والضم والإتساق حتى يصير الشئ كالعقد المتراص.

كما أنها تفيد جمال الشئ بعد ترتيبه وتنسيقه، ومعنى الإتساق يدخل في كل مناحي الحياة التعبدية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية.

أهم أنظمة الإسلام على النحو التالي:

• النظام الأخلاقي
• النظام المجتمعي
• نظام الإفتاء
• نظام الحسبة
• نظام الحكم
• النظام المالي والاقتصادي
• النظام الجهادي
• نظام الجريمة والعقاب. 

النظام الأخلاقي في الإسلام

• تعريفة : الخلق في اللغة الطبع والسجية
• وفي اصطلاح العلماء :هو هيئة في النفس راسخة منها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورؤية

أهمية الأخلاق ويتمثل في الآتي:

• أن سلوك الإنسان موافق لما هو مستقر في نفسه من معاني وصفات
• أن الإنسان قبل أن يفعل شيئا أو يتركه يقوم بعملية وزن وتقييم لتركه وفعله في ضوء معاني الأخلاق المستقرة في نفسه فيفعله أو يتركه.
• أن أعمال الإنسان الظاهرة انعكاس لما يتحلى به من أخلاق باطنة حسنة أو سيئة

مكانة الأخلاق في الإسلام

إن لمكانة الأخلاق في الإسلام مكانة عظيمة تظهر من وجوه كثيرة أهمها مايلي:

• تعليل الرسالة المحمدية بتقويم الأخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
• تعريف الدين بحسب الخلق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل ما الدين قال: (حسن الخلق)
• من أكثر ما يرجح كفة الحسنات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق)
• المؤمنون يتفاضلون في الإيمان وأفضلهم فيه أحسنهم اخلاقا سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أفضل ايماناً قال: (أحسنهم أخلاقاً)
• إن المؤمنين يتفاوتون بالظفر بحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه يوم القيامة قال رسول الله : (إن أحبكم إلي وقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)
• إن حسن الخلق أمر لازم وشرط لابد منه للنجاة من النار والفوز بالجنان سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن امرأة تصلي وتصوم ولكنها تؤذي جيرانها قال: (لا خير فيها هي من أهل النار)
• إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه بحسن خلقه، كان الرسول (ص) يقول بدعائه: ( اللهم كما حسنتَ خلقي فحسّن خلقي)
• مدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق قال تعالى : (وإنك لعلى خلق عظيم )
• فقد ذكر الأخلاق في القرآن الكريم في (945) موضعاً لأهميتها

4- خصائص نظام الأخلاق في الإسلام

يتميز نظام الأخلاق في الإسلام بجملة خصائص أهمها مايلي:

الخاصية الأولى: التعميم والتفصيل

وتنقسم الأخلاق إلى قسمين

• أخلاق فاضلة
• أخلاق رذيلة

الأخلاق الفاضلة:

• الوفاء بالعهد قال تعالى : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)
• الأمر بالعدل في جميع الأحوال ولجميع الناس حتى الكفار قال تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا)
• التعاون على البر والتقوى بما ينفع الناس قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)
• الصبر في الإيمان بمنزلة الرأس في الجسد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)
• الصدق من علامات الإيمان وثمراته قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصدقين)
• الاعتدال في المشي بين البطيء والاسراع والاعتدال في الصوت مطلوب من المسلم قال تعالى : (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)
• الثبات على الحق والدوام على الطاعة والعبادة قال تعالى : (…إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله لعلكم تفلحون) وقال الرسول (ص) : (أحب الاعمال إلى الله أدومها وإن قل)
• العفو والصفح قال تعالى : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
• الإعراض عن اللغو قال تعالى : (والذين هم عن اللغو معرضون)
• أداء الأمانة قال تعالى : (والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون)
• الحياء قال الرسول (ص) : (الحياء خير كله)
• الحلم والأناة قال رسول الله (ص) : ( ….. فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة)
• الرفق قال رسول الله (ص) : (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)
• الاخلاص قال رسول الله (ص) : (إنما الأعمال بالنيات….)
• الحزم واليقظة قال الرسول (ص) : (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)
• التودد والتراحم والتعاطف قال رسول الله (ص) : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد….)

الأخلاق الرذيلة: 

• النهي عن القول بلا علم قال تعالى : (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)
• النهي عن مظاهر الكبر قال تعالى : (ولا تمش في الأرض مرحا….)
• النهي عن التبذير قال تعالى : (… إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)
• النهي عن الإسراف قال تعالى: (وكلوا وشربوا ولا تسرفوا ان الله لا يحب المسرفين)
• النهي عن التعاون على الإثم والعدوان قال تعالى : (… ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان …)
• الظلم ظلمات يوم القيامة وعاقبته وخيمة قال تعالى : (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
• الكذب رذيلة لا ينال صاحبه هدية الله ويثمر النفاق في القلب قال تعالى : (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)
• النهي عن الغل والحقد قال تعالى : (ربنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)
• النهي عن السخرية والاستهزاء قال تعالى :( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم …)
• النهي عن سواء الظن بالمؤمن قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ان بعض الظن اثم…)
• قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ رواه مسلم.
• النهي عن الفجور في الخصومة قال الرسول (ص) : (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد غدر وإذا خاصم فجر)
• النهي عن التجسس قال تعالى: (ولا تجسسوا….)
• النهي عن الغيبة قال تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا)
• النهي عن التنابز بالألقاب قال تعالى : (ولا تنابزوا بالألقاب…)
• النهي عن الغضب قال رجل لرسول (ص) اوصني قال: (لا تغضب)
• النهي عن الحسد قال تعالى: (ومن شر حاسد اذا حسد)
• النهي عن التناوش
• النهي عن التباغض
• النهي عن التدابر
• النهي عن الخذلان
• الرياء والسمعة سئل رسول الله (ص) عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رباء…
• النهي عن المراء والجدل قال رسول الله (ص) : (ما ضل قوم بعد أن هداهم الله إلا أتوا الجدل)
• النهي عن بذاءة اللسان قال رسول الله (ص) : (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)
• النهي عن العجب والشح قال رسول الله (ص) : (ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه)
• الذل قال رسول الله (ص) : (لا ينبغي للمؤمن ان يذل نفسه)

الخاصية الثانية: الشمول

ويقصد بالشمول أن دائرة الأخلاق الإسلامية واسعة جداً فهي تشمل جميع أفعال الإنسان الحاصة بنفسه أو المتعلقة بغيره سواء أكان الغير فرداً أو جماعة أو دولة

• العلاقات الأخلاقية للدولة الإسلامية بالدول الأخرى يتمثل بالآتي:

1. اولاً: فيما يتعلق بنقض المعاهدات الدولية في حالة ظهرت الخيانة من الطرف المتعاقد معه الدولة الاسلامية ان تُعلم الدولة الاسلامية الدولة المتعاهدة معها بنقض المعاهدة وأسبابه قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58))
2. ثانياً: التزام الرسول (ص) واصحابه بنصوص صلح الحديبية عندما جاء أبو جندل بعد الفراغ من كتابة الصلح
3. ثالثاً:لا يجوز لسفراء الدول الإسلامية المبتعثين إلى الدول الغير مسلمة أن يخرج عن العرف الدبلوماسي
4. رابعاً: أن يفيء أسرى المسلمين لدى غير المسلمين عند إطلاقهم بالفدية المتفق عليها
5. خامساً: لزوم الأخلاق في الوسائل والغايات قال تعالى: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر..)، إلا في حالة الضرورة كما فعل يوسف عليه السلام لأخذ أخيه وكما احتال إبراهيم على قومه
6. سادساً: صلة الأخلاق بالإيمان وتقوى الله عز وجل قال تعالى : (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) وقال الرسول (ص) : (لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له)
7. سابعاً:  الجزاء، ويكون الجزاء الإلهي للفرد او الجماعة او الدولة في الدنيا والآخرة قال تعالى : (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) وقال الرسول (ص) : (إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد)

• هل يمكن اكتساب الأخلاق وتقويمها ؟

• يمكن اكتساب الأخلاق وتقويمها وتعزيز الأخلاق الفاضلة ومعالجة الأخلاق الرذيلة قال تعالى: (ونفس وما سواها…)
• قد يجعل الإنسان على بعض الأخلاق الدليل عندما قال الرسول (ص) : (…..إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة، قال : يا رسول اللهِ ! أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما ؟ قال : بل الله جبلك عليهما .)

• كيف يتحقق تقويم الأخلاق أو اكتسابها ؟

يمكن أن يتم بشكل من الأشكال التالية:

• تقليل آثار الأخلاق السيئة وعدم المضي في تنفيذ …. وما يدعو إليها قال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) قال تعالى: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) والرسول (ص) أوصى الرجل الذي قال: أوصني قال : (لا تغضب) ثلاث مرات
• التشذيب والتهذيب وإزالة ما علق بها من الكدورات عن أصل الخلق وتوجيهه الوجه المرضية في الشرع الإسلامي مثل خلق الشجاعة والكرم قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى…..)

• وسائل تقويم الأخلاق

الوسائل كثيرة منها ما يلي:

• العلم وهو معرفة أنواع الأخلاق الحسنة وأنواع الأخلاق السيئة
• معرفة الآثار الإيجابية للأخلاق الحسنة والآثار السلبية للأخلاق السيئة
• عدم نسيان الآثار الإيجابية والآثار السلبية قال تعالى: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) وقال تعالى :(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
• الاهتمام الكامل بتقوية معاني العقيدة الإسلامية في النفس قال تعالى: (إن العزة لله جميعا) وقال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) وقال تعالى : (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
• مباشرة الأعمال الطيبة التي تساعد على تقويم الأخلاق الحسنة قال تعالى: (قد أفلح من زكاها)
• القيام بأنواع العبادات الشعائرية والوظيفية سوى تعلقت بحقوق الله أو بحقوق الذات أو بحقوق الأسرة أو بحقوق المجتمع قال تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر…)
• مراغمة النفس على القيام بالأعمال التي تكرهها قال تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم….) وقال الرسول (ص) :( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )
• مسلك التكليف للأخلاق الفاضلة التي لم يعتدها والتخلص من الأخلاق السيئة التي اعتاد عليها
• ملازمة الجلساء الصالحين والمصلحين قال الرسول (ص) : (لا تجالس إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي )
• اتخاذ القدوة الحسنة قال تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة …..)
• ترك البيئة الفاسدة حديث الذي قتل مائة نفس
• الحرص على كل صفة جميلة قال تعالى: (وذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد…) قال الرسول (ص) : (اتقوا النار ولو بشق تمرة )
• ترويض النفس على قبول النصيحة الإيجابية