
والدي.. تطلب الأمر الكثير من التفكير لاختيار الكلمة الأولى التي ستكون المفتاح للغوص في بحرك والتعمق في مواقفك وحياتك ..
ماذا أكتب عنك يا والدي؟
اللحظات التي بدأت أكتب فيها عنه لن تستطيع أن تنافس عمرا عاشه في سنوات طويلة من الكفاح أو حتى تفي حقها في التعبير، وكأنهم جميعا انتظروا نهوضه بشكل يشبه انتظار الجالسين في روتين معيشي ممل؛ لكنه وفي وقت ما قذف فيهم الهمة وشحذ الإرادة ليغير وتوسعت دائرة الضوء من الأسرة التي نشأ فيها إلى العائلة التي كوَّنها وانفردت بحمل اسمه في كل مكان يتواجدون فيه .
وانتشر النور في أرجاء بني يوسف مسقط رأسه ولم يكتفي بذلك بل حمل على عاتقه أن ينثره في كل مكان يذهب إليه .
كل محطة من محطات حياته تشبه الأفياء الشاسعة التي أعجزت القلم عن الوصف والكتابة للخوض في مضمارها .
فهو العالم الرباني وهو القائد الفذ في ميادين الحياة , وهو الأستاذ والمربي الذي تخرج على يديه الكثير من الأعلام البارزة في المجتمع في حين ما يزال يدفع بالأخرين للحذو والسير في طريق التميز , وهو الداعية الذي لا توجد ربما محافظة يمنية إلا وله بصمة جلية فيها وبرهانا على ذلك عدد تلاميذه ومحبوه الذين لا يسع حصرهم .
طبيعته المشرئبة بالبساطة جعلت منه منهلا يرتاد إليه كل الناس على اختلاف مناطقهم , فهو كالكتاب المفتوح الذي يروي ظمأ كل متعطش للارتواء , فقد احتوى طلبة العلم على اختلاف تخصصاتهم ومجالاتهم وآوى الكثير من من ارتحلوا عن ديارهم طلبا للعلم فكان منزله مفتوحا أمام الجميع بدون استثناء .
تميز الأستاذ بكثير من الصفات الإنسانية التي ميزته عن الكثير من حوله كالتدين والصلاح والكرم والإحسان والبساطة والبشاشة والصبر وحرصه على تشجيع من حوله وعدم يأسه والانضباط في مواعيده وأعماله ويحرص كل الحرص على الجانب الاسري والاهتمام بالأسرة والارتقاء بها وغيرها من الصفات التي جعلته يتربع في قلوب الكثير.
حفضك الله والدي ..