فن الإلقاء في الخطابة
يعتبر وجود فن الإلقاء الرائع أكثر أهمية في الخطابة، هٰذِهِ الـمَهارة تُمكِّن الخطيب من التَّأثير والإقناع وإحداث التَّغيير الـمَنشود عند الآخرين.. حيث تشير الأبحاث إلى أَنَّ الأسلوب الَّذي تمرَّر فيه الـمَضامين يصل أحيانًا، درجة أَنْ يكون له تأثير أكثر من الـمَضمون نفسه.. والـمقصود بالأسلوب هو مبنى الخطاب ولغة جسد الـمُتحدِّث.. مهارة الإلقاء تمكِّننا أَيْضًا من إيصال الفكرة بشكل أسرع وأدقَّ وأوضح..
أولاً: تعريف الخطابة والخطيب والخطاب
- الخطاب: في اللغة هو الكلام المنثور الذي يخاطب به المتكلم الفصيح جمعا من الناس لا قناعهم.
- الخطيب: هو المتحدث للقوم أو هو من يقوم بالخطابة.
- الخطابة: فن إيصال خبر أو فكرة إلى مجموعة من السامعين على نحو مقنع ومؤثر يدفعهم للتطبيق.
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : ((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون))، رواه الترمذي.
حكمة: الحديث مرآة الروح و الإنسان يتحدث عاكسا ما بداخله.
إرشاد الناس إلى الحقائق وحملهم على ما ينفعهم في العاجل والآجل.
ثانياً: أهمية الخطابة:
هي وظيفة الأنبياء والرسل وقادات الرأي.
ثالثا: أهداف الخطبة النبوية:
- بيان حكم شرعي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت… )من خطبة الوداع (10هـ)، المرجع الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
- إيضاح الحكمة والغاية من التشريع، وهو التيسير والديمومة والاستمرار قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) رواه البزار والحاكم وغيرهما .
- تصحيح مفهوم خاطئ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الشمس و القمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فصلوا ) رواه البخاري .
- استكشاف حالة الناس ومعرفة وجهتهم، خطبة الرسول في بدر ( أشيروا علي أيها الناس….) السيرة النبوية .
- إزالة شبهة عالقة بأذهان الناس، شبهة الربا، الرسول صلى الله عليه وسلم “وضع ربا أهله الذي كان في الجاهلية ” (في خطبة الوداع ).
- تفسير القرآن الكريم، فسر الظلم بأنه الشرك في قوله تعالى :{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
- تحفيز الناس للقتال أو للإنفاق او العمل، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( مثل المجاهد في سبيل الله” والله أعلم بمن يجاهد في سبيله ” كمثل الصائم القائم وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة ) اخرجه مسلم وصححه .
- بيان فضل بعض الصحابة ( بين فضل علي في غدير خم ….) في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في غدير خم، السيرة النبوية .
- بيان أحداث ستحدث في المستقبل ( ذكر صلى الله عليه وسلم ) ذلك في خطبته التي استمر فيها من بعد صلاة الفجر حتى صلاة المغرب والتي رواها مسلم، قال حذيفة: (صلى بنا الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى العصر، فصعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس، فحدثنا بما كان وبما هو كائن …).
رابعاًً: الخطابة في الإسلام
القرآن الكريم يدعو للخطابة، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }الأنفال65
وقال تعالى : { الرَّحْمَنُ (1)عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَان(3) عَلَّمَهُ الْبَيَان (4)}الرحمن
قال تعالى : {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }ص20
“الأمثلة” خطبة الرسول (صلى الله عليه وسلم)في جبل الصفا+ خطبة الوداع
خامساً: فوائد الخطابة
تتمثل فيما يلي:
- فوائد إيمانية: وذلك بتوجيه وتعليم الناس أركان الإيمان وتأثيرها على الفرد والمجتمع.
- فوائد عبادية: وذلك بإبراز أهداف العبادات ومدى تأثيرها في صياغة الفرد واستقامته.
- فوائد أخلاقية: من خلال حث الناس على الالتزام بالأخلاق الفاضلة والابتعاد عن الأخلاق الرذيلة ودورها في المحافظة على قيم المجتمع.
- فوائد اجتماعية: وذلك بحثّ أفراد المجتمع على القيام بواجباتهم والتعاون بما ينفعهم من الخدمات ورعاية من يستحق الرعاية، وبناء العلاقات وأداء الواجبات نحو المجتمع، وحسن المطالبة بالحقوق المتبادلة بين أفراد ومكونات المجتمع.
- دفع الناس للتعلم والتثقف وتوجيههم لمصادر الثقافة المأمونة.
- طرح معالجات القضايا والمشاكل الموجودة.
- التركيز على الترابط الأسري والاجتماعي
- وهي فرصة للاتصال المباشر مع الناس.
- وهي مجال لبناء العلاقات لاسيما مع الشخصيات المؤثرة.
- اكتساب مهارة الخطابة التي يحتاجها الفرد لمخاطبة الناس في جميع المجالات.
- زيادة فرص النجاح في الحياة , قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (نَضَّرَ اللهُ امرأً سمِعَ منَّا شيئًا فبلَّغَهُ كما سمِعَهُ ، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى من سامِعٍ) رواه الترميذي، وقال حديث حسن صحيح .
سادساً قواعد الخطاب لدى الخطباء المتميزين:
- أنهم يعرفون متى يتحدثون و متى يتوقفون.
- يتحدثون عن أشياء تهم الآخرين.
- يستخدمون اللغة اليومية السهلة.
- يتحدثون دون تفاخر.
- يشيرون إشارات طبيعية.
- يحافظون على التواصل بالعين.
- ترابط الخطبة، ولا يوجد الترابط إلا إذا كانت الخطبة متسلسلة فقراتها تخدم موضوعاً واحداً، ويتحقق سلاسة الانتقال من فقرة الى فقرة.
حكمة: يقولون عن الخطابة أن تقول فلا تبطئ، ان تصيب فلا تخطئ.
حكمة: الكلمة إما أن تفجر الحروب، وإما أن تقرب القلوب.
سابعاً: شروط الخطيب المتميز
- سعة العلم والمعرفة.
- الإعداد الجيد.
- المهارة اللغوية.
- إيصال رسالة مهمة.
- الثقة بالنفس بعد الثقة بالله.
- مراعاة حال السامعين.
- الاستماع الجيد.
- الصدق.
- الإيمان بالفكرة التي يطرحها للناس .
حكمة : كل شخص مختلف عن الآخر، والإختلاف تمييز لا تقليد.
