السنة والسيرة النبويبةللعالمين رحمة
تصرفات الرسول بـ الإمامة

مفهوم تصرفات الرسول بـ الإمامة يعني تدابيره التي يتخذها بوصفه إماما سواء كانت بالفعل أو القول أو الإقرار، وبعبارة أخرى هي جماع تصرفاته في شأن معالجة أمور السياسة العامة في الخلائق، وضبط معاقد المصالح، ودرء المفاسد، وقمع الجناة، وقتل الطغاة، وتوطين العباد في البلاد.
أولاً/ تنويهات أولية عن الإمامة
من المهم التنويه في بداية هذا العرض عن الإمامة إلى بعض الأمور التالية:
- أن الحركة الإسلامية بمختلف خصائصها لا تحمل تصوراً واحداً متطابقا أو مقاربًا لأمور الإصلاح السياسي بل تتجاذبها مدارس متنوعة وأحياناً متباينة .
- أن السمة الغالبة على مقاربة الحركة الإسلامية السياسية الإصلاحية هي التدرج وطول النفس وتجنب كل أشكال العجلة والتسرع وعدم القفز على معطيات الواقع .
ثانياً : تنوع التصرفات النبوية على النحو التالي
تصرفات تشريعية : وهي ما صدر عن الرسول عليه الصلة والسلام وتتوزع إلى الأنواع التالية :-
- تصرفات بالتبليغ: وتتضمن التوجيهات والأحكام التي يبلغها الرسول عن الله وهي الوحى المباشر من خلال الأحاديث القدسية، وغير المباشر الأحاديث النبوية ويكون في هذا معصوماً من الخطأ .. مثال الشعائر النبوية .
- تصرفات بالفتيا: وهي تشريع عام للأمة كلها لأنها بيان للشرع .
- تصرفات في القضاء: وهو ما يحكم به بوصفه قاضياً حين الفصل بين المتخاصمين قال رسول صلى الله عليه وسلم (إنكم تختصمون إليّ وإنما أنا بشر فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار ) رواه البخاري.
- تصرفات الإمامة: وهي تصرفاته عليه الصلاة والسلام بوصفه إماماً للمسلمين ورئيساً للدولة يدير شؤونها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، ويتخذ الإجراءات والقرارات الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية في المجتمع.
- التصرفات الخاصة: وهي التصرفات التشريعية التي تصدر عنه خاصة بأشخاص معنين وهي مشهورة بقضايا الأعيان . مثال ( الرجل الذي أذن له الرسول بالتضحية بالجزعة ) .
ثالثاً/ تصرفات غير تشريعية في الإمامة وهي خمسة أنواع
- التصرفات الجبلية: وتشمل أقواله وأفعاله الصادرة بمقتضى البشرية المحض .
- التصرفات العادية: وهي ما يتصرف به الرسول جرياً على عادة قومه .
- التصرفات في شؤون الحياة: وهي تصرف في أمور خاضعة للخبرة التخصصية والتجارب البشرية مثل الزراعة والصناعة وغيرها ….
- التصرفات الإرشادية: وهي توجيهات ترشد إلى الأفضل من منافع الناس مثل توسطه عليه الصلاة والسلام بإرجاع جريرة الى زوجها .
- التصرفات الخاصة به: مثل زواجه بتسع .
رابعاً/ التصرفات النبوية بـ الإمامة فهو مقام غير مقام النبوية والرسالة والفتيا وغير مقام القضاء
ويختلف هذا المقام عن المقامات الأخرى أساسا بأمرين اثنين:
- أن الإمام هو الذي فوضت إليه السياسة العامة في الخلائق وضبط معاقد المصالح ودرء المفاسد وقمع الجناة وتوطين العباد في البلاد .
- أن الإمام يمتلك قوة التنفيذ .
مميزات تصرفات الرسول بالإمامة وهي :
- تصرفات تشريعية خاصة المثال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أحيا ارضاً ميتة فهي له ) رواه ابو داوود والبخاري ..( ومن قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه ) .حديث حسن صحيح
- تصرفات مرتبطة بالمصلحة العامة مثال : نهى الرسول عن إدخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فقال (ادخروا ثلاثا ثم تصدقوا بما بقي ) رواه احمد .
- تصرفات إجتهادية الامثلة : مصالحة الرسول لقبيلة غطفان بإعطائهم نصف ثمار المدينة والعدول عن المشاركة في غزو المدينة .) أخرجه مسلم
- تصرفات في شؤون الحياة مثال :نهيه عن تأبير النخل في المدينة .
خامساً/ الدولة في الإسلام
أن تصرفات الرسول عليه الصلاةوالسلام بالسياسة الشرعية توفر أساساً منهجياً في الفكر السياسي الإسلامي وهي :
- تبين سمات التصرفات النبوية بالإمامة أن الدولة الاسلامية دولة مدنية .
- لقد اتخذت العلاقة بين الديني والسياسي في فكرنا المعاصر صيغاً مختلفة ومتناقضة لكنها في الغرب أخذت صيغاً متباينة .
- يمكن أن نستعين بتجارب الآخرين في بناء الدولة .
- أن العلاقة بين الدين والسياسة في الإسلام علاقة التميز .
- من الإستنتاجات التي تفيدنا تصرفات الرسول بالإمامة النسبية في إدارة الدولة في الجوانب القانونية والدستورية والإجتهادات التشريعية بحسب الزمان والمكان .
سادساً/ وثيقة المدينة
أول دستور للمواطنة في الإسلام، وربما تكون الأولى من نوعها في التاريخ تضع أسساً متقدمة للإجتماع السياسي على أساس التعددية وحرية العقيدة والعبادة .
سابعاً/ خلاصات في قضايا الإصلاح السياسي
الخطوط العامة للقضايا المرتبطة بالإصلاح السياسي وهي .
- لا يوجد تعارض بين الديمقراطية (أن يحكم الشعب نفسه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ) والإسلام، وإنما هي آلية لمبدأ الشورى .
- موقف الحركات الإسلامية في تطبيق الشريعة: لا يقصد بالشريعة إقامة الحدود فقط! وإنما نظماً وقوانين تحكم جوانب الحياة المتنوعة .
وهناك بعض المبادئ لابد من إبرازها وهي
- لا يمكن فرض القوانين الإسلامية بالقوة قال تعالى {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[البقرة:265]