2025-06-09 5:08 ص
إدارة الموقع
2025-06-09 5:08 ص
سيرة ومسيرة

[2] النشأة في القرية

القسم الأول/ النشأة في القرية 

البطاقة الشخصية

  • الاسم: محمد علي إسماعيل بن أحمد عبدالله بن علي صالح العمال اليوسفي.
  • تاريخ الميلاد: 11 / 12 / 1367 هجرية الموافق 1949م.
  • مكان الميلاد: قرية النجيد – عزلة بني يوسف – مديرية المواسط – قضاء الحجرية- محافظة تعز – اليمن.

 

وهذا القسم يتكون من مرحلتين

المرحلة الأولى: النشأة في حياة والدي

المرحلة الثانية: بعد وفاة الوالد رحمه الله

المرحلة الأولى: النشأة في حياة والدي

الفترة من تاريخ ميلادي عام 1949 إلى حين وفاة والدي (وأنا بعمر 12 عاما)

النشأة

نشأت في طفولتي وسط أسرة تتكون من الأب القاضي علي إسماعيل أحمد والأم نعمة الحاج أحمد علي الشعبي، وجدي والد أبي الحاج إسماعيل أحمد، وجدي والد أمي الحاج أحمد علي الشعبي رحمهم الله جميعاً.

وكان لي أخوين وثلاث أخوات:

الأخوين هما: مطهر (عافاه الله) وعبد الغني (رحمه الله).

الأخوات:(خوزران وزعفران توفتا صغيرتين) والأخت الثالثة (رقية ) عافاها الله.

وكان لي من الأعمام اثنين (عبدالله إسماعيل، وأحمد إسماعيل ) ومن العمات (صفية بنت إسماعيل ) رحمهم الله جميعا.

ومن الأخوال والخالات سبعة منهم من قد توفاه الله ومنهم من لايزال على قيد الحياة.

السكن

في البداية كنا نسكن في دار جدي القديم في قرية النجيد الأسفل، وكان مبنياً على الطراز القديم من أربعة طوابق ويتسع لجميع أفراد أسرة جدي وأبناءه وأحفاده.

وتم تخصيص غرفة فوق السطح لأبي يستقبل فيها الناس ويقضي بينهم وبجانبها غرفة خاصة يحتفظ فيها بكتبه وأوراقه الخاصة بالقضاء.

ونظرا لحاجة الوالد لمكان أكثر اتساعاً ليستقبل فيه الناس، وتخفيفاً من الازدحام في دار جدي القديم فقد قرر الوالد بناء منزل خاص به شمال القرية، وانتقلنا إليه (وعمري 8 سنين) ومعنا جدي إسماعيل وأخت جدي (درة).

درس والدي العلوم الشرعية على يد عدد من علماء الشريعة مثل القاضي محمد علي راجح العليمي والشيخ علي عبد الله الصبراني القدسي والشيخ علوان الفتيح والشيخ حمود علي (وادي الحربية بني يوسف) وأخذ منهم إجازة في القضاء تم اعتماده من عامل الحجرية في ذلك الوقت قاضيا و مأذونا شرعيا لعدد من قرى عزلة بني يوسف وما جاورها من قرى عزلة سامع.

وفي تلك الفترة كان والدي يمارس أعمال القضاء، المتمثلة بالآتي:

  • الفصل في الخصومات إما بحكم شرعي أو صلح مُرضي .
  • يقوم بدور المأذون الشرعي مثل عقود النكاح أو الفصل بالطلاق (عند وجود مقتضاه).
  • يقوم بقسمة التركات وكتابة الصكوك الشرعية (الفروز).
  • كتابة وتوثيق العقود المدنية (عقود البيع، والهبة، والنذر، والوصية، وعقود الشراكة، والوقف)

تعلمت من الوالد

في طفولتي تعلمت من الوالد مبادئ القراءة والكتابة وتلاوة وحفظ بعض سور  القرآن الكريم ثم الحقني بالمعلامة (كتاب القرية).

وكانت هذه الكتاتيب منتشرة في أغلب القرى كونها الطريقة الوحيدة المتاحة في ذلك الوقت (قبل الثورة اليمنية).

(المعلامة) كانت عبارة عن جلسة دائرية في مكان مفتوح تحت الأشجار أو في مكان فضاء خارج القرية (أو قريباً من مقبرة القرية) يتحلق التلاميذ الصغار حول الفقيه الذي يقوم بتعليمهم وتحفيظهم بعض أجزاء القرآن الكريم عن طريق التلقين، ثم عن  طريق الكتابة على الألواح الخشبية بالقلم اليراع  المصنوع من نبات القصب والدواة المصنوعة من (السابلة) دخان المصباح الزيتي.

كان الوالد رحمه الله يخصص وقتاً للقضاء بين الناس، ووقتاً لرعاية أسرته وتوفير متطلبات الحياة الضرورية لهم من غذاء وكسوة، وكان غالباً ما يصطحبني معه إلى قرى قريبة وبعيدة يتطلب عمله كقاضي الذهاب إليها،إضافة إلى ذلك كان يذهب وأنا معه لحضور مناسبات اجتماعية (أعراس ).

أتذكر من تلك الاعراس ؛ العرس الذي أقامه شيخ قبيلة بني يوسف (الشيخ أحمد طربوش) لزواج أولاده وحضره كثير من الناس من كل القرى والعزل المجاورة.

وكذلك كان يصطحبني معه لزيارة أصدقاء له في عُزل مجاورة مثل عُزلة الأعلوم، فقد ذهبنا في احدى الزيارات برفقة العم أحمد إسماعيل وكنا نتناوب الركوب على حمار واحد، حيث لم تكن من وسائل النقل المتوفرة في ذلك الوقت (قبل الثورة اليمنية) سوى الركوب على الحمير والبغال والإبل، وكانت بعض المسافات تستغرق أياماً صعوداً ونزولا في الطرق الجبلية.

⭕ أدى الوالد فريضة الحج عن نفسه ثم عن غيره

وكان من عادة المجتمع في القرية توديع الذاهبين إلى الحج واستقبالهم عند العودة من رحلة الحج بقرع الطبول  وإنشاد الأهازيج (الزوامل) المعبرة عن الفرح بعودتهم، وقد استقبلنا الوالد بذات الطريقة عند عودته من رحلة الحج، ولكن القدر لم يمهل والدي بعد عودته من رحلة الحج سوى ثلاثة أسابيع ليوافيه الأجل المحتوم في شهر محرم من العام 1380هجرية الموافق 1960م.

(وسبق وفاة الوالد موت الأخت الأكبر مني سناً يوم عيد الأضحى وكانت المدة بين وفاته ووفاتها شهر تقريباً ) وكل ذلك بقضاء الله وقدره وحكمته في الموت والحياة

(تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ) سورة الملك

-خلال الفترة القصيرة التي عشتها في كنف والدي رحمه  الله تعلمت منه أشياء كثيرة أهمها:

🔹 التدين والصلاح واحترام الشعائر الدينية.

🔹النزاهة في عمل القضاء.

🔹 الخلق الحسن في التعامل مع الناس.

🔹 الاعتدال في الإنفاق على الأسرة بدون تقتير ولا إسراف.

المرحلة الثانية: بعد وفاة الوالد رحمه الله

توفى أبي عن أسرة مكونة من أمي وأنا وإخوتي، فكفلنا جدي إسماعيل رحمه الله، وكان يكفل معنا أيضاً في البيت (ابن أبنته عبده سلام علي نعمان ) حيث توفت والدته وهو طفل صغير فتكفل برعايته معنا.

وتقديراً من جدي إسماعيل لظروف الأسرة فقد نذر لنا بالسدس الذي ورثه عن أبي (طبقا لأحكام المواريث في حال وفاة الابن قبل أبيه )، وكان هذا الميراث من المزارع والأرض هو المصدر الوحيد لدخل الأسرة في تلك الفترة.

رغم أن جدي كان ( أمياً لا يقرأ ولا يكتب) إلا أنه دفعنا للتعليم باهتمام بالغ بنفس الطريقة التي دفع بها أبي لطلب العلم.

ولم يكن متاحاً لنا في تلك الفترة (قبل الثورة اليمنية) غير كتاتيب القرية، وبعد إتمامنا التعلم فيها أمرني جدي بالتوجه إلى مدينة  جبلة (حيث كانت منارة للعلم في ذلك الوقت يقصدها العلماء وطلبة العلم)، فسافرت إليها عام 1961  بقصد دراسة العلوم الشرعية مع مجموعة من الطلاب منهم (عبد الواحد محمد غالب، وشرف عبد العزيز الفتيح، وعبدالله منصور محمد غالب ).

وكان السفر يستغرق يومين ونصف مشياً على الأقدام وركوباً  على الحمير (وسيلة المواصلات المتاحة قبل الثورة ) وكان دليلنا على الطريق أحد التجار المتنقلين الذين يبيعون البهارات والفلفل من قرية إلى أخرى.

⭕ كنا نستمر في الدراسة في جبلة إلى موعد الإجازة ثم نعود إلى قريتنا، ثم نرجع مرة أخرى لمواصلة التعلم، وهكذا إلى قيام الثورة اليمنية عام 1962 فعدنا إلى قريتنا وواصلنا الدراسة فيها بعد اعتماد أول مدرسة حكومية في قرية الدوم بني يوسف، فالتحقت بتلك المدرسة لفترة من الزمن وواصلت أيضاً تلقي العلوم الشرعية لدى الشيخ محمد مسعود رحمه الله (من قرية حجرة بني يوسف ).

-كانت والدتي رحمها الله تساند جدي في رعايتنا والقيام بشؤون الأسرة، وكانت المتابعة منها ومن جدي أحد أسباب الاستمرار في طلب العلم في مدينة جبلة، ثم مواصلة التعليم ( بعد قيام الثورة اليمنية المباركة عام 1962 ) في مدرسة النهضة بقرية الدوم  ولدى الشيخ محمد مسعود بقرية حجرة بني يوسف.

-كان جدي ومعه الوالدة رحمهما الله يتابعان تربيتنا بكل جدية واهتمام بالغ وخصوصاً الالتزام بالصلاة وسائر العبادات وملازمة المسجد، والحرص على   استقامة أخلاقنا بتعميق حب الفضيلة والابتعاد عن الرذائل وملازمة الصحبة الصالحة.

ومن حرص الوالدة على الصلاة، كانت تلزمنا بأدائها جماعة في البيت (في حال عدم ذهابنا للمسجد ).

-ورغم ما كان يمر على الوالدة من مواقف محزنة من وفاة أبيها، ثم بعض أقاربها، ثم وفاة أختي وأبي في شهر واحد؛ إلا أنها كانت تصبر وتكتم أحزانها وتواصل رعايتنا والعناية بنا في حال العافية  والمرض، ومن ذلك ما تعرضنا له من بعض الأمراض في الطفولة:

فقد عانيت من مرض الجدري (حيث لم يكن في ذلك الوقت أي وسيلة من وسائل المعالجة متوفرة فلا مراكز صحية ولا مستشفيات ولا لقاحات ولا أدوية )!

وعانى أخي الصغير (مطهر ) من كسر في يده ظل على أثره طريح الفراش لفترة ليست بالقصيرة، فيما تعرض أخي الأصغر (عبد الغني) لإصابة في إحدى عينيه أفقدته النظر بها.

-عند بلوغي السابعة عشرة من العمر قام جدي إسماعيل رحمه الله والعم أحمد إسماعيل بالترتيب لزواجي  من عزلة الأعلوم المجاورة لنا، ووقع الإختيار على عائلة ترتبط بعلاقة صداقة ومعرفة سابقة بجدي وأبي وعمي (وهي عائلة عبدالله نعمان العليمي وتزوجت بابنته ملك عبد الله نعمان) وهي الزوجة الوحيدة في حياتي.

-في السنوات الأخيرة من عمر جدي كان قد أصابه الوهن لكبر سنه ولم يكن يقوى على الحركة  فكنت أتولى رعايته بنفسي وأقدم له الطعام وأغير له الملابس، وأحلق له شعر رأسه، وأحمله إلى بيت الخلاء، وأساعده في غسل جسمه ، واعتنيت به إلى أن توفاه الله بأجله المحتوم رحمه الله، ثم توليت مع عمي أحمد إسماعيل الترتيب لدفنه في مقبرة القرية.

-بعد وفاة جدي إسماعيل رحمه الله انتقلت مسؤولية رعاية الأسرة على عاتقي،

ولم يكن لديّ من الموارد المتاحة سوى المزارع والأراضي التي ورثناها من أبي.

فأوليت الأرض جُل اهتمامي لتلبية متطلبات ونفقات الأسرة، وواصلت الاهتمام بالعلم، وتعلم الخطابة في مسجد القرية حيث كان الأستاذ عبد الواحد عبد الله نعمان يلقي دروس في اللغة العربية، ومنه تعلمنا وتدربنا على الخطابة في الديوان الملحق بالمسجد ( والذي كان بمثابة ملتقى  لأهل القرية في ليالي رمضان والمناسبات العامة والخاصة).

[3] لمحة عن الوضع الاقتصادي في القرية

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى